صفات الله الواجبة
إن الحديث عن صفات الله الواجبة يتطلب الغوص في فهم أعمق لطبيعة الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، اللتين تمثلان المصدرين الأساسيين لفهم صفات الله. تُعرف صفات الله الواجبة بأنها الصفات التي يجب أن يكون الله سبحانه وتعالى متصفًا بها، وهي صفات لازمة وضرورية لوجوده، ولا يمكن أن يتصور العقل ولا الواقع أن الله خالٍ منها. وفي هذا المقال، سنتناول صفات الله الواجبة بشكل تفصيلي من خلال مختلف جوانبها.
تعريف صفات الله الواجبة
الصفات الواجبة هي الصفات التي يجب أن تتصف بها الذات الإلهية باعتبارها لازمة لها، بحيث لا يمكن أن يكون الله سبحانه وتعالى إلا بها. وهي صفات ذاتية ثابتة له، لا تتغير ولا تتبدل، ولا يمكن تصور وجود الله بدونها. هذه الصفات تختلف عن الصفات الممكنة التي يمكن أن يتصف بها الله، أو الصفات المستحيلة التي لا يمكن أن يتصف بها. وتنقسم صفات الله الواجبة إلى قسمين: صفات ذاتية وصفات فعلية.
الصفات الذاتية الواجبة
الصفات الذاتية هي الصفات التي تلازم ذات الله سبحانه وتعالى بشكل دائم، ولا يمكن أن تتخلى عنها أو تتغير. تتضمن هذه الصفات عدة جوانب، أبرزها:
-
الوجود:
من أبرز صفات الله الواجبة هي صفة الوجود. لا يمكن أن يكون لله سبحانه وتعالى عدم، فهو واجب الوجود بذاته، أي أنه لا يحتاج إلى شيء آخر لوجوده، ولا يتصور أن يكون غائبًا أو معدومًا في أي حال من الأحوال. هذه الصفة هي أولى وأهم صفات الله، لأن الوجود هو أساس كل شيء في الكون، وكل شيء آخر ينبثق من هذه الصفة. -
الوحدانية:
الله سبحانه وتعالى هو واحد لا شريك له. الوحدانية تعني أن الله ليس له نظير ولا مثيل، ولا يمكن أن يوجد أي كائن آخر يشاركه في ذات الله أو في صفاته. هذه الصفة تعتبر أساس الإيمان في الإسلام، وهي التي تميز الله عن كل شيء آخر. -
القدم:
الله سبحانه وتعالى قديم بلا بداية ولا نهاية. هذه الصفة تعني أن الله ليس له بداية زمنية ولا يوجد أي وقت يمكن أن نتصور فيه أنه لم يكن موجودًا. الله سبحانه وتعالى هو الأزلي الذي لا يتأثر بالزمان والمكان. -
البقاء:
الله سبحانه وتعالى باقٍ أبدًا. لا يتصور أن يفنى أو يموت. الله حي دائم لا ينتهي وجوده أبدًا. هذه الصفة تضاد تمامًا مع صفات المخلوقات التي تملك بداية ونهاية. -
الحيّ:
صفة الحياة بالنسبة لله هي حياة خاصة لا تشبه حياة المخلوقات. حياة الله ليست عرضية أو محدودة، بل هي حياة مطلقة ودائمة، لا تخضع للزوال أو الفناء. -
العلم:
الله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء. لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. علم الله لا يتقيد بالزمن أو المكان، فهو يعلم الماضي والحاضر والمستقبل بشكل كامل ومطلق. علمه لا يحده شيء، ولا يمكن لعقل أن يدركه بالكامل. -
القدرة:
قدرة الله سبحانه وتعالى لا حدود لها. هو القادر على كل شيء، لا يتعذر عليه شيء في الكون. قدرته تامة ومطلقة، ولا يشبه قدرات المخلوقات المحدودة أو المتغيرة. -
الإرادة:
إرادة الله سبحانه وتعالى هي التي تتحكم في كل شيء في هذا الكون. ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. إرادة الله لا تقاوم، وكل شيء يحدث في هذا الكون هو بمشيئته. -
السمع:
الله سبحانه وتعالى سميع يسمع كل شيء في الكون. سمعه ليس كسمع المخلوقات الذي يقتصر على الأصوات والضوضاء المادية، بل سمعه يشمل جميع الأصوات والأفعال في كل زمان ومكان. -
البصر:
الله سبحانه وتعالى بصير، يرى كل شيء في الكون. بصره لا يحجبه شيء، ولا يمكن أن يتخيل أحد أن شيءً ما يخفى عليه. هو الذي يرى في الظلمات وفي الأوقات التي لا يستطيع فيها الإنسان أن يرى.
الصفات الفعلية الواجبة
الصفات الفعلية هي الصفات التي تتعلق بفعل الله وتصرفاته في الكون. هذه الصفات تتعلق بكيفية تدبير الله للكون، وكيفية تصرفه مع المخلوقات. من أبرز الصفات الفعلية الواجبة:
-
الخلق:
الله سبحانه وتعالى هو الخالق الذي لا خالق غيره. خلق الله الكون وكل ما فيه من مخلوقات، وكل شيء في الكون هو من خلقه وتقديره. هو الذي يخلق من العدم ويقدر الأشياء في أحسن حالاتها. -
الرزق:
الله سبحانه وتعالى هو الرزاق. هو الذي يرزق كل مخلوق في هذا الكون بما يناسبه. رزقه لا ينفد، ولا يتوقف، ولا يُحصى. كل مخلوق يعيش برزقه الذي قدره الله له، من البشر إلى الحيوانات إلى الكائنات الدقيقة. -
التدبير:
الله سبحانه وتعالى هو المدبر للأمور. هو الذي يدير شؤون الكون ويصنع ما يشاء من الأمور. تدبيره لا يمكن لأي مخلوق أن يعارضه أو يعترض عليه. -
الرحمة:
الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده. رحمة الله تشمل جميع خلقه، وهي صفة لازمة له. رحمة الله واسعة لا حد لها، تتجاوز جميع التصورات البشرية. الله رحيم بالمؤمنين والكافرين على حد سواء، لكن رحمة الله للمؤمنين تميزهم عن غيرهم. -
الغفران:
الله سبحانه وتعالى غفور. هو الذي يغفر الذنوب ويعفو عن خطايا عباده، مهما كانت كبيرة أو صغيرة، بشرط التوبة النصوحة. غفران الله لا حدود له، وهو باب مفتوح أمام التائبين. -
العدل:
الله سبحانه وتعالى عادل في حكمه وتصرفاته. لا يظلم أحدًا، بل يعامل كل مخلوق بعدل ورحمة. عدله يشمل كل شيء في الكون، ولا يمكن أن يظلم الله أحدًا في أي وقت أو مكان. -
الإحسان:
الله سبحانه وتعالى محسن في كل ما يفعله. إحسانه يشمل خلقه وتدبيره ورعايته لخلقه. هو الذي يعامل عباده بالإحسان ويعطيهم من فضله ورحمته دون أن يطلب منهم شيئًا في المقابل.
خاتمة
صفات الله الواجبة هي أساس الفهم الصحيح للإلهية في الإسلام، وهي ما يميز الله عن جميع المخلوقات. هذه الصفات لا تشبه صفات أي مخلوق من المخلوقات، ولا يمكن مقارنة أي من صفات المخلوقات بصفات الله سبحانه وتعالى. صفات الله الواجبة لا يمكن أن يُتصور وجوده بدونها، وهي التي تؤكد كمال الله وعظمته وجلاله.
